recent
أخبار ساخنة

الأحكام الواردة في اللعبة التفاعلية

المعفو عنه من النجاسات:

 جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية إلى أنه يعفى في النجاسة المغلظة عن أمور : فيعفى قدر الدرهم وزنا في النجاسة الكثيفة وقدر بعشرين قيراطا، وفي النجاسة الرقيقة أو المائعة بقدر الدرهم مساحة، وقدر بمقعر الكف داخل مفاصل الأصابع، والمقصود بعفو الشارع عنها العفو عن فساد الصلاة ، وإلا فكراهة التحريم باقية إجماعا إن بلغت الدرهم ، وتنزيها إن لم تبلغ. انتهى.

 وعلى هذا القول وهو العفو عن مقدار الدرهم من البول فشك الشخص هل تجاوز ما أصابه من النجاسة هذا المقدار أو لا، فالأصل عدم المشكوك فيه فيستصحب هذا الأصل حتى يحصل اليقين بخلافه.

 قال في الدر المختار: ولو شك في نجاسة ماء أو ثوب أو طلاق أو عتق لم يعتبر. انتهى.

وقد عرفت أن قول الجمهور وهو الأحوط والأبرأ للذمة أن البول لا يعفى عن يسيره وأنه يجب تطهير ما أصابه البول من البدن والثوب بكل حال.

والله أعلم.

حكم الماء المستعمل للطهارة من الحدث:

الماء الذي اغتسل به الإنسان أو توضأ به ، يقال له : " الماء المستعمل " ، فهو الماء المتساقط من الأعضاء بعد غسلها ، وليس هو الماء الباقي في الإناء الذي يغترف الإنسان منه .
انظر : "الذخيرة" للقرافي (1/175) .

ومن صور ذلك : لو أن شخصاً جمع ماءً في البانيو حتى امتلأ ثم اغتسل فيه من الجنابة ، فهل له أن ينغمس فيه ويغتسل فيه من الجنابة مرة أخرى أو يتوضأ منه ؟
وإذا جَمع الماءَ المتساقط منه في الوضوء في إناء ، فهل له أن يتوضأ به مرة أخرى ؟

وقد اختلف العلماء هل تصح الطهارة به مرة ثانية أم لا ؟ .

فذهب جمهور العلماء إلى أن الماء المستعمل في رفع الحدث : هو ماء طاهر ، ولكنه ليس بطهور، فلا يرفع حدثاً ولا يزيل نجساً.
انظر : "المغني" (1/31) ، "المجموع" (1/150) .
واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ [الراكد]، وَهُوَ جُنُبٌ ).
فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟.
قَالَ : يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا. رواه مسلم (283).

ففي هذا الحديث النهي عن الاغتسال في الماء الراكد ، والسبب في ذلك أنه يُفسده على غيره ، لأنه بالاغتسال به يصير مستعملاً ، فلا يستطيع غيره أن يغتسل به ، لذلك أمر أن يتناول الماء منه تناولاً ، وَحُكْمُ الْوُضُوءِ حُكْمُ الْغُسْلِ فِي هَذَا الْحُكْمِ .
فال الحافظ العراقي: " اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ مَسْلُوبُ الطَّهُورِيَّةِ ، فَلَا يَتَطَهَّرُ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى ، وَلَوْلَا أَنَّ الِاغْتِسَالَ فِيهِ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يَغْتَسِلُ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى لَمَا نَهَى عَنْهُ "، انتهى من "طرح التثريب في شرح التقريب" (2/ 34).
قال الحافظ ابن حجر : " وَيَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : ( يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا ) ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الِانْغِمَاسِ فِيهِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُسْتَعْمَلًا ، فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْغَيْرِ الِانْتِفَاعُ بِهِ ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ غَيْرُ طَهُورٍ" انتهى من "فتح الباري" (1/ 347).
غير أن الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر.
قال النووي : " وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ وَالصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِي الدَّائِمِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لِئَلَّا يُقَذِّره ، وَقَدْ يُؤَدِّي تَكْرَارُ ذَلِكَ إلَى تَغَيُّرِهِ" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (1/154) .
وقال شيخ الإسلام : " نهيه عن الاغتسال في الماء الدائم ... لما فيه من تقذير الماء على غيره، لا لأجل نجاسته ، ولا لصيرورته مستعملاً " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/46) .
قال النووي: " وَأَقْرَبُ شَيْءٍ يُحْتَجُّ بِهِ ..: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ رضي الله عنهم احْتَاجُوا فِي مَوَاطِنَ مِنْ أَسْفَارِهِمْ الْكَثِيرَةِ إلَى الْمَاءِ ، وَلَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ لِاسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً أُخْرَى .
فَإِنْ قِيلَ : تَرَكُوا الْجَمْعَ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَمَّعُ مِنْهُ شَيْءٌ .
فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يُسَلَّم , وَإِنْ سُلِّمَ فِي الْوُضُوءِ لَمْ يُسَلَّمْ فِي الْغُسْلِ .
فَإِنْ قِيلَ : لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَمْعِهِ مَنْعُ الطَّهَارَةِ بِهِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَجْمَعُوهُ لِلشُّرْبِ وَالطَّبْخِ وَالْعَجْنِ وَالتَّبَرُّدِ وَنَحْوِهَا مَعَ جَوَازِهَا بِهِ بِالِاتِّفَاقِ .
فَالْجَوَابُ: أَنَّ تَرْكَ جَمْعِهِ لِلشُّرْبِ وَنَحْوِهِ لِلِاسْتِقْذَارِ ، فَإِنَّ النُّفُوسَ تَعَافُهُ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا ... وَأَمَّا الطَّهَارَةُ بِهِ ثَانِيَةً فَلَيْسَ فِيهَا اسْتِقْذَارٌ , فَتَرْكُهُ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِهِ " انتهى من "المجموع شرح المهذب" (1/154) .
ثانيا : ذهب المالكية والظاهرية إلى أن الماء المستعمَل في رفع الحدثين الأكبر والأصغر يظل على طَهوريته ، ويجوز للإنسان أن يرفع به الحدث ويزيل به النجس. ينظر: "الاستذكار" (2/198) .
وأقوى ما يستدل به عل هذا قوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) فهو يدل على طهورية كل ماء ما لم يتغير بالنجاسة .
ولأن الأصل في الماء الطَّهورية ، ولا دليل يدل على إخراجه عنها بالاستعمال .
قال ابن المنذر : " وَفِي إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّدَى الْبَاقِي عَلَى أَعْضَاءِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسِلِ وَمَا قَطَرَ مِنْهُ عَلَى ثِيَابِهِمَا طَاهِرٌ : دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ ، وَإِذَا كَانَ طَاهِرًا ، فَلَا مَعْنَى لِمَنْعِ الْوُضُوءِ بِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ يَرْجِعُ إِلَيْهَا مَنْ خَالَفَ الْقَوْلَ" انتهى من "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (1/288).
واختار هذا القول : شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقال: " كل ما وقع عليه اسم الماء فهو طاهر طهور ، سواء كان مستعملا في طهر واجب ، أو مستحب أو غير مستحب " انتهى من "مجموع الفتاوى" (19/236) .
وذكر المرداوي في كتابه "الإنصاف" (1/35) أن هذا القول اختاره كثير من علماء الحنابلة ثم قال : "وَهُوَ أَقْوَى فِي النَّظَرِ" انتهى.


حكم سؤر الهرة:

 روى أهل السنن الأربعة من حديث كبشة بنت كعب بن مالك -وكانت تحت بعض ولد أبي قتادة- أن أبا قتادة رضي الله عنه دخل عليها، فسكبت له وَضُوءاً، فجاءت هرة، فشربت منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فجعلت أنظر إليه. فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات" (1).

 والطوافون: الخدم، والطوافات: الخادمات. فجعله صلى الله عليه وسلم بمنزلة المماليك في قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} (2).

 ومنه قول إبراهيم النخعي: إنما الهرة كبعض أهل البيت. كذا نقله الزمخشري. وقال ابن أبي عمر في (الشرح الكبير) (3) على (المقنع) المطبوع مع (المغني): سؤر الهرة وما دونها في الخلقة، كابن عرس، والفأرة، ونحو ذلك من حشرات الأرض طاهر، لا نعلم فيه خلافا في المذهب: أنه يجوز شربه، والوضوء به، ولا يكره. هذا قول أكثر أهل العلم، من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، إلا أبا حنيفة، فإنه كره الوضوء بسؤر الهر، فإن فعل أجزأه.

 ورويت كراهته عن ابن عمر، ويحيى الأنصاري، وابن أبي ليلى. وقال أبو هريرة: يغسل مرة أو مرتين، وهو قول ابن المسيب، ونحوه قول الحسن، وابن سيرين؛ لما روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا ولغت فيه الهر يغسل مرة" (4)، وقال طاوس: يغسل سبعا كالكلب. ولنا ما رُوي عن كبشة بنت كعب ابن مالك...، ثم ساقه بمثل ما تقدم، ثم قال: دل بلفظه على نفي الكراهة عن سؤر الهرة، وبتعليله على نفي الكراهة عما دونها مما يطوف علينا. وعن عائشة أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنجس؛ إنما هي من الطوافين عليكم"، وقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها (رواه أبو داود) (5)، 

وحديثهم ليس فيه تصريح بنجاستها، مع صحة حديثنا، واشتهاره. وإذا أكلت الهرة نجاسة، ثم شربت من مائع بعد الغيبة، فهو طاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفى عنها النجاسة، وتوضأ بفضلها، مع علمه بأكلها النجاسات. وإن شربت قبل الغيبة،

 فقال القاضي وابن عقيل: ينجس؛ لأنه مائع وردت عليه نجاسة متيقنة. وقال أبو الحسن الآمدي: ظاهر قول أصحابنا طهارتُه؛ لأن الخبر دل على العفو عنها مطلقا؛ وعلل بعدم إمكان التحرز عنها، ولأننا حكمنا بطهارتها بعد الغيبة في مكان لا يحتمل ورودها على ماء كثير يُطَهِّر فاها، ولو احتمل ذلك فهو شك لا يزيل يقين النجاسة؛ فوجب إحالة الطهارة على العفو عنها، وهو شامل لما قبل الغيبة. 

انتهى. ___________________________________________

 1 - رواه أحمد (5/303)، ومالك (13)، ومن طريقه أبو داود (75)، والنسائي (1/55)، وغيرهم، وصححه الترمذي (92)، وابن ماجه (367)، والحاكم (1/159، 160) وقال: وهو مما صححه مالك واحتج به في (الموطأ)، وصححه أيضا النووي والبيهقي وغيرهما، وقد أعل بجهالة حميدة بنت أبي عبيدة بن فروة وخالتها كبشة بنت كعب بن مالك، لكن للحديث طرق أخرى كما في (الإرواء) (173)، وانظر (التلخيص) (1/41). 

2 - سورة الإنسان: الآية (19). 

3 - (1/ 345، 346). 

4 - أبو داود في (السنن) (72)، وقد رواه موقوفاً على أبي هريرة ولم يرفعه. 

5 - أبو داود (76)، وفي إسناده جهالة، ويغني عنه حديث كبشة الذي مر قريباً وقد صححه غير واحد من الحفاظ.




حكم إزالة النجاسة بالماء المطلق وغيره:


مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية، والحنابلة، وهو أصح الروايتين عن أحمد، وبه أخذ من الأحناف محمد بن الحسن وزفر أنه لا يجوز إزالة النجاسة من الثوب والبدن إلا بالماء المطلق، لقوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً [الفرقان:48].
وقوله تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِه [الأنفال:11].
قال النووي رحمه الله: ذكره سبحانه وتعالى امتناناً فلو حصلت الطهارة بغيره لم يحصل الامتنان به. انتهى.
وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد في رواية عنه، إلى جواز تطهير النجاسات بالماء وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به، كالخل وماء الورد ونحوهما مما إذا عصر انعصر، بخلاف الدهن والسمن ونحوهما، وهذا هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في الفتاوى الكبرى: وتطهر النجاسة بكل مائع طاهر يزيل: كالخل ونحوه، وهو رواية عن أحمد اختارها ابن عقيل ومذهب الحنفية. انتهى
وقال المرداوي في الإنصاف: وعنه -أي الإمام أحمد - ما يدل على أنها تزال بكل مائع طاهر مزيل، كالخل ونحوه، اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق. انتهى.


google-playkhamsatmostaqltradent