ترجع قصة مثل" و كأنك يابو زيد ما غزيت" إلى أنه كان بنو هلال من العرب الرحالة الذين يسكنون في شبه الجزيرة العربية ومروا خلال سنين عيشهم هناك بفترة زمنية صعبة استغرقت 8 سنوات عانوا فيها من الجفاف وانعدام سقوط الأمطار، فأنهكت حالهم وهلكت إبلهم التي أصبحت بلا مرعى وهذا هو السبب الأول والرئيسي للتغريبة الهلالية، و قد قرروا الاجتماع بقيادة الأمير حسن بن سرحان بعد اشتداد الجفاف الذي أصبح لا يطاق، وخرجوا بقرار إرسال مجموعة استكشافية تعود إليهم بالأخبار الطيبة، ثم يذهبوا إلى المكان الذي عثر على تلك المجموعة به و قد اختير الفارس أبو زيد الهلالي بالإجماع لهذه المهمة ووافق أبو زيد و لكنه اشترط أن يأخذ ابني الأمير يحيى و يونس معه.
وانطلقت هذه المجموعة حتى اهتدت إلى تونس بعد عناء شهر كامل و قد اعجبتهم خضرتها وتعرف عليهم أهلها واستغربوهم فذهبوا بهم إلى ملكهم المعروف بـ "الزناتي قد كان ملك تونس قد حلم سابقا بأن هنالك مجموعة سوف تأتي إلى البلاد فتكون مقدمة لأفواج تتبعها وتسلب الملك والأرض منهم، فأيقن أنهم هؤلاء وتحاور معهم ليتأكد من هويتهم و مقصدهم فكذبوا عليه وادعوا أنهم مجموعة حجاج و قد ضلوا الطريق و يطلبون العون الآن لكن لم يشفع لهم ذلك فأسرهم جميعا.
واستطاع أبو زيد الهلالي الخروج من السجن حيث ساعدته ابنة الملك وتدعى بـ "الصفيرا" حيث اتفقت معه على أن تخبر أباها أنه عبد وأن ليس من شيمنا أن نأسر إلا الفرسان .
و فعلا تركه وأمر ان يعمل طباخا لكنه أمر أشجع فرسانه العلام بمراقبته و التأكد من ذلك و قد قام بحيلة استطاع أن يكشف فروسيته فيها؛ حيث قام بعرض للفرسان والخيل من أمامه فإذا به يترك كل ما بيده من أعمال ويراقب بتلهف هذه العروض و يتحمس لها فتيقن العلام من فروسيته واستجوبه، فاعترف أبو زيد لكنه اشترط على العلام أن يخلي سبيله وتعاهدا على أن لا يقتل بعضهما الآخر إذا قام بني هلال بغزو تونس.
وعاد أبو زيد و أخبر قومه وبالفعل جمعوا جموعهم وزحفوا إلى تونس ولم يتركوا خلفهم شيئاً ليعودوا من أجله و لكن علياء امرأة أبو زيد لم ترافقهم فقد كانت على خلاف معه، وبالفعل انتصر بني هلال بعد ما يقارب 3 أشهر من المعارك الطاحنة التي قادها أبو زيد الهلالي والفارس المغوار ذياب بن غانم، وأرسل أبو زيد لامرأته لتأتي إلى مستقرهم الجديد و لكنها أجابت بأنه لا حاجة لذلك الآن فالأمطار والخيرات قد عمت البلاد من جديد و "كأنك يا أبو زيد ما غزيت".